منتديات لبنان والجنوب المقاوم Lebanon Libanon Forum

في الضاحية «عنتر» واحد. إنه حسن كركي. ثمة من جاوره لعقود، في الغبيري، من دون أن يعرف اسمه الحقيقي. هو «عنتر كركي». عليك أن تسأل عنه بهذا الاسم لتصل إليه. إنه «قبضاي» المنطقة. قبل 3 أيام، روجت وسائل الإعلام عنه، من دون أن تذكر اسمه الكامل. لقد أطلق النار على دورية لاستخبارات الجيش، جاءت لتوقفه لكونه مطلوباً للعدالة. قيل إنه مطلوب منذ أمد بعيد بعشرات مذكرات التوقيف، في قضايا ذات خلفية جنائية، أبرزها تزوير جوازات السفر وإخراجات القيد. غير أن ثمة لغزاً ظل يعتري ما حصل. لماذا قررت الدولة توقيفه الآن؟ وما نوع الجرم؟ الرجل كان يعيش بشكل طبيعي، منذ زمن، غير متوار عن الأنظار، فما الذي تغيّر؟ لا يريد الجيش أن يضيف شيئاً على بيانه الرسمي: إنه «أحد المطلوبين للعدالة» فقط.
رواية أهالي المنطقة عن الحادثة، تقول الآتي: جاء إلى محله رجال من الاستخبارات العسكرية، بلباس مدني، فأدرك «عنتر» أنهم يريدون توقيفه. يقال إنه استطاع «تشليح» أحد العسكريين مسدسه، وراح يطلق منه النار على الدورية، فأصاب منها أربعة، بينهم ضابطان. استطاع كركي الفرار. هكذا، لم يفلح الجيش، كما فعل مع آل المقداد، في إيقاف عنتر من دون دم. أهالي المنطقة كانوا يتوقعون وقوع الدم مع آل المقداد، لا مع عنتر، لكن العكس حصل.
ما جرى لم يكن سهلاً على الجيش. جابت دورياته أزقة الضاحية كلها بحثاً عنه. لاحقاً أصدر الجيش بياناً أعلن فيه ما حصل، وذكر أنه إثر ذلك «تم استقدام المزيد من قوى الجيش إلى المنطقة، حيث فرضت طوقاً أمنياً حولها، وباشرت تنفيذ عمليات دهم لأماكن إطلاق النار، أدّت إلى توقيف عدد من المشتبه فيهم». لم يوقف عنتر بعد. لكن، قبل مضي 24 ساعة على الحادثة، أصدر الجيش بياناً أعلن فيه توقيف حسن كركي الملقّب بـ«عنتر». أوقف الرجل وبوشر التحقيق معه بإشراف القضاء المختص.
بين الناس في الضاحية، يتردد أن الرجل «كان خطيراً» في ما مضى، لكنه في الآونة الأخيرة كان «على الصراط المستقيم». يصفه البعض بـ«السفارة» لكثرة إصدراه الوثائق المزورة. أحدهم يقول إنه مطلوب للاستخبارات الأميركية! في الواقع، اسم الرجل وارد في ادّعاء للقضاء الأميركي عام 2009. وجّهت إليه، إضافة إلى 9 آخرين، تهم بـ«دعم حزب الله». هذا الدعم جاء، بحسب وزارة العدل الأميركية، فإن التحقيقات «أظهرت أن عضواً في الحزب، هو حسن عنتر كركي، من مواليد 1959 ومن سكان بيروت، يواجه عقوبة تصل إلى 15 سنة في السجن، في حال ثبت تورطه بتهمة التآمر لتقديم الدعم المادي للحزب، من خلال الأموال التي حصل عليها، بعدما زوّد عميل الشبكة في الولايات المتحدة بجوازات سفر مزورة، وقام الأخير ببيعها». هكذا، يزداد الغموض في حكاية «عنتر». على كل حال، جيرانه في الغبيري، ومنهم مختار المحلة، ينفون علمهم بأن يكون عضواً في حزب الله، علماً بـ«أنه رجل آدمي وصيته، تحديداً في السنوات الأخيرة، جيد جداً». يقال إن شقيقه عضو في الحزب، أما هو «فلا علم لنا بذلك. نستبعد ذلك، لكن في كل الأحوال، من الواضح أن الحزب لا يغطيه، ويبدو أن ثمة جولة واسعة في الضاحية على كل مطلوب للعدالة، برعاية من الحزب». إلى ذلك، يقال إن لقب «عنتر» لم يحصل عليه من فراغ. لقد واجه ذات مرة دورية من قوى الأمن الداخلي، قوامها 6 رجال، فضربهم وأخذ منهم أسلحتهم في وسط الشارع. ثمة نزاع «تاريخي» بينه وبين توأمين من آل غصين، يسكنان بجواره، وأمهما من آل المقداد. وفي الغبيري، ثمة شارع باسم آل المقداد، غير الحي الذي في الرويس، ولطالما حصلت هناك مواجهات مسلحة بين «عنتر» وأشخاص من آل المقداد، فضلاً عن الأخوين غصين. شاب من آل المقداد يقول: «مشكلته كانت مع آل غصين، وليس معنا. منزل فقط من عائلتنا كان يتدخل لصالح غصين وليس جميعنا».
مختار الغبيري أحمد جابر يشيد بـ«بأخلاق عنتر». لكن في المقابل: «نحن مع القانون والجيش والدولة». ذهب المختار إلى مكان الحادثة، بحسب ما يوجب عليه القانون، وأغلق محل الموقوف بالشمع الأحمر مع توقيعه. المختار دعاه الجيش للحضور من دون معرفة سبب توقيف عنتر، وإلى اليوم «ما زلت أجهل سبب التوقيف».