لم يجد المعنيون الفلسطينيون يوماً أنهم مصابون بالإحراج على غرار ما هو حاصل لهم اليوم، على خلفية ما جرى تسريبه من معلومات عن توجه مقاتلين فلسطينيين إلى سوريا للانضمام إلى صفوف «المجاهدين ضد النظام السوري»، وهم الذين كانوا جاهروا مراراً عبر وسائل الإعلام وفي لقاءاتهم برفضهم زج مخيماتهم في لبنان وسوريا في أتون الصراع الدائر هناك.
التسريبات عن خروج مقاتلين من مخيمي البداوي والبارد «لنصرة أخوانهم المجاهدين في سوريا»، كانت حتى الأمس مجرد شائعات لا يريد أحد أن يصدقها أو أن يقرّ بها، أو أن يعترف بوجود حالة تعبئة ناشطة داخل المخيمين تتخذ طابعاً تحريضياً على النظام السوري، وحتى في بعض الأحيان على الفلسطينيين المحسوبين في السياسة والولاء عليه.
لكن المعلومات سرعان ما تبلورت في الساعات الماضية لتشكل وقائع رسمية تقطع الشك باليقين حول توجه عدد من المقاتلين إلى سوريا. كما تبين وجود أجواء شحن مصحوبة بمحاولات حثيثة لتأليب الرأي العام في الشارع الفلسطيني ضد سياسة النأي بالنفس التي أعلنتها فصائله، وذلك عبر الحفر في ذاكرة الماضي وتحريك الغرائز المذهبية واستخدام الخطاب الديني التعبوي، مستفيدة في تدعيم وجهة نظرها من عوامل عدة، منها انعطافة بعض المنظمات الجهادية التي كانت تتخذ من دمشق مقراً لها.
ووفق المعطيات المتوفرة، فإن ما لا يقل عن خمسة أشخاص من المخيمين ممن يحملون أفكاراً متشددة، ومنهم من كان يواجه في السجن عقوبة الانتماء لتنظيم «فتح الإسلام»، توجهوا في الأيام الماضية بشكل إفرادي إلى سوريا، من دون أن يعرف أحد ما إذا كانوا من ضمن خلية أو أعضاء في تنظيم لم يعلن عن نفسه حتى الان. في المقابل، فقد بقيت وجهة سيرهم داخل الأراضي السورية مجهولة، لكن بعض المعلومات أشارت إلى إمكان ان يكونوا قد انضموا إلى إحدى المجموعات الإسلامية المتشددة إلى جانب من سبقهم من مخيم عين الحلوة.
ويمكن القول إن حالة الإرباك السائدة في مخيمي البداوي والبارد تخفي وراءها خوفاً مشتركاً لدى القيادات من انعكاسات هذه القضية على الوضع العام في المخيمين وعلى حسن العلاقة بين المختلفين سياسياً في نظرتهم حيـال الأحداث الجاريـة في سوريا.
وتقلل مصادر فلسطينية، من تأثير خروج مقاتلين الى سوريا او من بعض المواقف المتشنجة والتحريضية، لافتة الانتباه الى ان عدد سكان المخيمين يبلغ نحو 60 الفاً، ولا يؤخذ عليهما خروج بعض الأشخاص بشكل فردي، موضحة ان مثل هذه الحالات موجودة في أي مكان في لبنان. وأكدت ان الفصائل الفلسطينية مجتمعة في حالة وئام وانسجام بما يخدم مصلحة الفلسطينيين ويجنبهم الدخول في صراعات لا طائل لهم بها.
0 Responses to مقاتلون من البارد والبداوي إلى سوريا