جبهة النصرة تكاد تكون أكثر التنظيمات الاسلامية المسلحة نشاطاً على الأراضي السورية، رغم حداثة عمرها الذي لا يزيد على الأشهر العشرة. «الجبهة» التي تتغذّى من ظهيرها في لبنان، «فتح الاسلام»، بالقوة والمنعة، على وشك أن تنتزع مباركة تنظيم «القاعدة»، بعدما كانت لقيادييها علاقة بالمخابرات السورية والأميركية
ناصر شرارة
تبنّت «جبهة النصرة الإسلامية» الهجوم المزدوج على مبنى هيئة الأركان العامة للجيش السوري في قلب دمشق قبل أسبوعين، قرب ساحة الأمويين. عقب ذلك، أعلن «الجيش السوري الحر» أن العملية نفذتها أربع مجموعات من فصائل المعارضة المسلحة، خصّ منها بالذكر «تجمّع أنصار الإسلام لدمشق وريفها».
يختصر بيان «الجيش الحر» قصة صراع مرير داخل المعارضة السورية المسلحة؛ إذ إنه، بتركيزه على «تجمع انصار الإسلام»، يسعى إلى لفت الانتباه إلى «بطولات» يُسجّلها معارضون، من خارج «جبهة النصرة» التي تعدّ الأهم عدداً وعديداً وخبرة، من بين كل فصائل المعارضة الأخرى. وهي ترفض القتال تحت لواء «الجيش الحر»، التزاماً منها بمفهوم «الراية» الذي يحتم على «المجاهدين» العمل تحت راية التوحيد لإضفاء الشرعية الدينية على جهادهم.
مرجع أمني سوري كبير، كشف لـ«الأخبار» أن زعيم «جبهة النصرة» هو، حالياً، أمير «القاعدة» في سوريا، وهو يقف وراء العديد من تفجيرات دمشق والمحافظة الشرقية، وقد خطّط شخصياً لتفجير حي القزاز.
وثمة تاريخان يختصران قصة هذه الجماعة وسيرورة نشأتها منذ 22 كانون الأول الماضي، عندما كانت مجرد مجموعة من 32 شخصاً، لتصبح، منذ أيار الماضي تحديداً، القوة القادرة على إرساء «توازن رعب» بين النظام والمعارضة.
الظهير اللبناني
وتوضح معلومات مختلفة المصادر أن جبهة النصرة حقّقت قفزتها النوعية، في هذه الفترة القصيرة، بفضل دعم في العديد والعتاد وصلها من لبنان، بين نيسان وأيار الماضيين. وتكشف وقائع هذين الشهرين حقيقة قضية كانت محل تساؤل في لبنان، تتعلق بخلفية مغادرة عدد من رموز «القاعدة» و«فتح الإسلام»، في الفترة نفسها، مخيم عين الحلوة وشمال لبنان إلى سوريا، وكذلك بخلفية اللغط الذي دار ــ حينها ــ حول صحة مقتل القيادي في «فتح الإسلام» عبد الغني جوهر على الأراضي السوريّة.
في نيسان الماضي سُجّل عبر الحدود اللبنانية ــــ السورية تطور من خارج أجندة سياسة النأي بالنفس المعتمدة رسمياً، عندما نجح القيادي البارز في «القاعدة» توفيق طه، وأربعة من قياديي «فتح الإسلام»، (هيثم الشعبي، زياد أبو النعاج، محمد الدوخي الملقب بخردق، واللبناني عبد الرحمن القراعي)، في مغادرة عين الحلوة إلى سوريا. وقد تبيّن حينها، بحسب مصادر أمنية، أن أبو النعاج تلقى أمراً عبر الإنترنت، من عضو بارز في «القاعدة» في الخارج، بالمغادرة إلى سوريا، «لشد أزر القاعدة هناك، وعدم تشويش مناخها». ونصّ الأمر على التوجّه أولاً إلى طرابلس لتجنيد عناصر إضافيين يساعدونه في مهمته. واتضح لاحقاً أن الغاية الأساسية من الاستدعاء كانت الإعداد لنقل زعامة الساحة الجهادية السورية إلى العضو البارز في «القاعدة» السعودي ماجد الماجد الموجود في عين الحلوة. نصت خطة أبو النعاج وطه على التمهيد لإعلان تشكيل كتائب عبد الله عزام، بوصفها الممثل الحقيقي لخط «القاعدة» في سوريا والبديل من جبهة النصرة. لكنهما اصطدما برفض مرافقيهما من «فتح الإسلام» الاشتراك في مشروع ضرب «جبهة النصرة» وأعلنوا انضمامهم إليها، فيما بقي أبو النعاج وطه على ولائهما للماجد، وفضلا العودة إلى عين الحلوة لدرس خطة بديلة. علماً بأن مصادر الجهاديين تؤكّد أن طه لم يغادر المخيم قطّ.
منذ ذلك الوقت، بدأ تنظيم «فتح الإسلام» تزخيم دعمه لـ«جبهة النصرة» عبر جسر دعم بشري وتسليحي انطلاقاً من لبنان. وأصبح التنظيم جزءاً من منظومة القتال الميداني الخاص بـ«الجبهة»، بدليل مقتل أبرز قيادييه عبد الغني جوهر، في نيسان الماضي، أثناء إعداده عبوة في دمشق لـ«الجبهة»، علماً بأن بعض المصادر يؤكد أن جوهر قتل في حمص؛ لأن وجود الجبهة في تلك الفترة كان محصوراً فيها.
وبات ثابتاً بحسب مصادر متقاطعة، أميركية وعربية وسورية وحتى من داخل الأجواء السلفية المسلحة في سوريا، أن دعم «فتح الإسلام» لـ«جبهة النصرة»، هو الأساس الذي مكّنها من التحوّل إلى القوة الأبرز فوق ساحة المعارضة السورية. ويؤكد هذا التقدير، إحصاء عن عمليات «الجبهة» صدر في أيلول الماضي ضمن دراسة لمركز قريب من البنتاغون، أشار إلى أن «الجبهة» لم تنفّذ بين كانون الثاني ونيسان الماضيين سوى ثلاث عمليات فقط. إلا أن عدد عملياتها تعاظم منذ نيسان، فنفّذت في شهر حزيران وحده 60 عملية، فيما حملت معظم العمليات التي وقعت في سوريا خلال الصيف توقيعها.
0 Responses to جبهة النصرة من سي آي إي إلى فتح الاسلام