ليليان حمزة
مجلس النواب في ساحة النّجمة هو طموح عدد كبير من اللبنانيين الّذين من جهة يحبّون الوصول إلى كرسي السّلطة والوجاهة والنفوذ، ومن جهة أخرى لخدمة المواطن ولتغيير هذا البلد الّذي يعشّش فيه الفساد الإداري والسّياسي، وهذا بالذّات هو واجب الرّجل السّياسي الّذي للأسف لا يطبّقه فعليًّا.
لكن الطّريق أسهل ومفتوحة أمام ورثة الزّعامات. إذ نلحظ احتمال ترشيح أبناء الزعماء في الإنتخابات النيابيّة القادمة عام 2013. فمن المحتمل أن يقوم رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان بترشيح نجله شربل للإنتخابات في عمشيت، كذلك أن يقوم النائب دوري شمعون بترشيح نجله كميل، والعماد عون بترشيح ابنته ميراي عون الهاشم. علاوة على ذلك، قد يترشّح رئيس حزب "الوعد" جو حبيقة نجل الوزير الراحل إيلي حبيقة الّذي اغتيل عام 2002، وصالح المشنوق نجل النائب نهاد المشنوق.
فالوزير وليد جنبلاط ابن الشّهيد كمال جنبلاط مثلاً قد هيّأ نجله تيمور ليتولّى عنه الزّعامة لاحقًا ويحذو حذوه في مسيرته الإقطاعيّة، فالبطّبع ابن البيك... بيك. ورئيس الوزراء السّابق سعد الحريري خليفةً لأبيه الشّهيد رفيق الحريري، مع العلم أنّه لم يشغل أي منصب سياسي قبل استشهاد والده! وقد جاء الوزير سليمان فرنجيّة خليفة لأبيه الشّهيد طوني فرنجيّة. كذلك كانت حظوظ نديم الجميل وميشيل معوّض كبيرة للوصول إلى المقعد النيابي كونهما نجلي رئيسي الجمهوريّة السّابقين بشير الجميل ورينيه معوّض، ضف على ذلك النّائب سامي الجميل الّذي هو نجل الرّئيس الأسبق أمين الجميّل وشقيق وزير الصّناعة الرّاحل بيار الجميل الّذي اغتيل قبل ستّ سنوات.
وسنحت الفرصة لإميل لحود نجل رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود بالوصول إلى المقعد النيابي بعد أن كان أبوه وصل إلى سدّة الرّئاسة. ووصلت نائلة التويني إلى داخل البرلمان في عمر 26 سنة وذلك كونها ابنة الصّحافي الرّاحل جبران التويني وحفيدة النائبين ميشال المرّ وغسّان التّويني وابنة أخت الوزير مروان حمادة، رغم أنّها نفت أنّ ترشّحها كان من باب الوراثة السياسيّة، لكن الواقع لا يمكن إنكار ذلك. والمفاجأة الكبرى كانت أنّ نجل الرئيس نبيه برّي لا يميل إلى الإنخراط في الحقل السّياسي!
الكثيرمن الشّباب والأدمغة اللبناني لديهم أفكار ومشاريع بنّاءة ويحلمون بالوصول إلى المجلس النيابي، ويقدّمون برامج انتخابيّة تنمويّة، فرغبتهم واضحة في تغيير هذا البلد، لكن لا مكان لهم في قصر ساحة النّجمة. ولا يمكن للشعب اللبناني الهروب من الواقع المرير أنّ هذا البلد ليس لهم بل للعائلات السياسية العفنة المهترئة التي تحكم بعصا من حديد وتتوارث الحكم من أيام الأمير فخرالدّين.
وكان صائبًا قول النّائب نجاح واكيم :" إن الوراثة السّياسية ظاهرة يجب أن تتوقّف، وأنها تعبير عن الرّوح القبليّة وتخلّف في بنية المجتمع اللبناني".
الإرث السياسي مرّ بحقبة طويلة من تاريخ لبنان. إلى متى سيبقى الشّعب اللبناني مستسلمًا لواقعه ومتخدّرًا لدى سماع الشّعارات السّياسيّةّ الرّنانة؟ إلى متى سيبقى المثقّف اللبناني يهاجر وطنه فاقدًا الأمل حيال أي تغيير قد يطرأ على مستقبل البلد؟!
فبنظرة بسيطة إلى تاريخ لبنان الحديث، نلحظ أن هذا التّاريخ لا ينفكّ يكرّر نفسه، بما يتضمّنه من صراعات وحروب أهليّة وحساسيّات مذهبيّة ،فضلاً عن طبقة سياسيّة متوارثة للحكم. كلّ هذا دافع للبنانيين لإنتاج طبقة سياسيّة جديدة ودمّ جديد يقوم على الكفاءات وليس على المحسوبيّات من أجل النهوض بهذا البلد ورفع مستوى الإقتصاد المحلّي وتعزيز الأمن والتحرّر من عقد الخوف والرّهبة من الآخر الّذي لا ينتمي إلى طائفة أخرى.
0 Responses to ابن البيك بيك ويا شعب راحت عليك